تحقيق | الأهل أم صناع الدراما؟ إشكالية مسؤولية تعرض الأطفال للمحتوى غير المناسب (+18)

إعداد: حازم معتمد

مع التطور التكنولوجي والانفتاح الرقمي وتزايد عدد المسلسلات والأفلام، أصبح من السهل على الأطفال الوصول إلى محتوى مخصص للكبار (+18)، ما يثير تساؤلات جدّية حول التأثيرات النفسية والسلوكية، ومسؤولية الأهل والمجتمع، وكذلك صناع المحتوى.

تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين يتعرضون لمحتوى غير مناسب لأعمارهم، سواء عبر التلفزيون أو عبر منصات رقمية مثل نتفليكس ويوتيوب، أو من خلال السوشيال ميديا. يشمل هذا المحتوى مشاهد عنف، ألفاظ خادشة، مشاهد حساسة، وتعاطي مخدرات.

مراجعة بحثية من جامعة كالجاري، شملت تحليل 87 دراسة على أكثر من 160 ألف طفل، أكدت أن الإفراط في مشاهدة التلفاز وألعاب الفيديو يرتبط بزيادة معدلات القلق، الاكتئاب، والسلوك العدواني، خاصة عند التعرض لمحتوى عنيف.

رغم تصنيف المحتوى بحسب الفئة العمرية، إلا أن كثيرًا من الأهالي لا يهتمون بذلك، مما يسمح للأطفال بمشاهدة محتوى غير مناسب. وهنا يُطرح السؤال:

هل المسؤولية تقع على الأطفال؟

أم على أولياء الأمور الذين لا يراقبونهم؟

أم على القنوات والمنصات التي تعرض محتوى لا يتناسب مع الفئات الصغيرة دون قيود حقيقية؟

يقول أحمد عزت (15 سنة):

“بصراحة، محدش في البيت بيدقق على التصنيف. بنتفرج على اللي يعجبنا حتى لو فيه شتايم أو عنف. ده بقى طبيعي في المسلسلات!”

ويضيف:

“في رمضان، بنشوف برامج ومسلسلات في وقت الفطار، وكلها فيها تنمّر أو شتايم. حتى الإعلانات فيها نفس الكلام. ولو اتمنعنا، هنتفرج على الإنترنت!”

يقول والد أحمد:

“صعب أقول لابني يسيب المسلسل لمجرد أنه +18، خاصة وإحنا كلنا قاعدين بنتفرج مع بعض. ولو منعناه، هيتفرج على يوتيوب أو تيك توك. الإنترنت مفتوح.”

ويحمّل صناع المحتوى جزءًا كبيرًا من المسؤولية، مؤكدًا أنهم يقدمون محتوى لا يراعي وجود أطفال يشاهدونه مع أسرهم.

يؤكد المهندس محمد حمدي أن هناك حلولًا رقمية للحد من هذا المحتوى، مثل تفعيل خاصية “البحث الآمن”، أو استخدام تطبيقات المراقبة الأبوية.

لكن المشكلة الأكبر في التلفزيون، إذ لا توجد أدوات حقيقية تتيح حجب المشاهد أو التحكم بها مثل الإنترنت.

الرأي النفسي: التأثير أخطر مما نظن

توضح الدكتورة هدى عصمت، الأخصائية النفسية، أن مشاهدة الأطفال لمشاهد عنف أو محتوى حسي يؤدي إلى:

ازدياد السلوك العدواني

تقبل العنف كوسيلة لحل المشاكل

نضج غير صحي، وخلط في فهم القيم والعلاقات

وتؤكد على أهمية الحوار بين الأهل وأطفالهم، ووضع قواعد مشاهدة واضحة، وتحفيزهم على متابعة محتوى تعليمي مناسب.